أنقرة – الرياض وصفحة جديدة من تحالف الكبار
تاريخ آخر تحديث: 2023-07-27
+
حجم الخط
-
48
14068
أنقرة – الرياض وصفحة جديدة من تحالف الكبار
المبتدأ
يبدو أن الزيارة التاريخية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى المملكة العربية السعودية، ستبقى الحدث الإقليمي الأبرز والذي يحمل معه التحول الأوسع في الجغرافيا السياسية الإقليمية، وهذا يعني بالضرورة المزيد من الانفتاح الاقتصادي وحركة التجارة والاستثمار بين أكبر قوتين إقليميتين.
الخبر
ومن المؤكد أن الاقتصاد التركي سينتعش بعد تقارب أنقرة والرياض، لأن سوق السعودية لها أهمية كبيرة للمصدرين الأتراك، كما أن المنتجات التركية تلقى رواجاً في السعودية على حساب المنتجات الأجنبية الأخرى.
فماذا تتضمن المرحلة الجديدة من العلاقات الاقتصادية؟ وماهي أشكال المشاركة الاقتصادية التي سيعاد تفعيلها؟ وكيف سيتبدل المشهد الاقتصادي في تركيا خلال الفترة المقبلة؟ من هم الرابحون ومن الخاسرون اقتصادياً من هذا التقارب؟
مد سريع يعقب انحسار العلاقات
شهدت العلاقات التركية السعودية نمواً مضطرداً عبر العقود الماضية وذلك حتى العام 2018 إلى حين الأحداث المرتبطة بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وما أعقبه من تداعيات أودت بالعلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوى لها، ووصل هذا الانخفاض التدريجي إلى أقل مستوياته في العام 2021 وأثر على حركة الاستثمار والتصدير.
قبل أن يرتفع مؤخراً إلى 200% عند شهر آذار الفائت ليتم تدشين مرحلة جديدة مبشرة طال انتظارها، من العلاقات الاقتصادية عقب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردغان الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود .
محاولات المصالحة هذه بين أنقرة والرياض ستعود بالتعافي السريع على كافة القطاعات الاقتصادية بين القوتين الإقليميتين، كالسياحة والصادرات والمقاولات وغيرها ما سينعش الليرة التركية التي لا تزال تعاني من انخفاض القيمة.
موسم سياحي مضاعف
هذه العودة التي طال انتظارها لابد أنها سترمم كل الفجوات السابقة لاسيما حركة السياحة في تركيا، بالنظر إلى مكانة اسطنبول كمركز للأزياء والسياحة، ومقصداُ للسياح الخليجيين لاسيما السعوديون منهم.
ولسنوات حلّ السياح السعوديون في المرتبة الثالثة ضمن قائمة السياح القادمين إلى تركيا، ليتراجع العدد إلى المرتبة العاشرة مؤخراً، ولكن مع انتعاش العلاقات الجديدة بين أنقرة والرياض من المنتظر أن تشهد الشهور القليلة القادمة موسماً سياحياً نشطاً لجهة السياح السعوديين وبنسب مضاعفة وهذا من شأنه أيضاً أن ينعش الليرة التركية التي لا زالت تعاني من انخفاض في قيمتها.
"صنع في تركيا" في السوق السعودية مجدداً
في واقع الأمر إن الانفراج الجديد سيعود ليختصر الطريق على منتجات المصدرين الأتراك إلى المملكة العربية السعودية، لتعود الصادرات التي تحمل عبارة صنع في تركيا إلى مسارها الطبيعي المباشر بعد أن كانت شركات التصدير التركية تستعين بدول ثالثة قبل الدخول إلى السوق التركية للالتفاف على الحصار غير المعلن وما كان من الممكن أن يسببه من خسائر مع العملاء والمنتجين على السواء.
كنا في شركة إرساء للتجارة الدولية، أحد من اختبر هذه التجربة الصعبة ونأمل أننا اليوم نتخطى هذه المرحلة، ولكن ما نود أن نقوله بحكم خبرتنا في السوق السعودية إن هذه السوق جاذبة ومرحبة على الدوام بالمنتج التركي، حيث شملت قائمة صادراتنا في إرساء الدولية الخطوط الصناعية الإنتاجية والمنتجات الغذائية، الصناعية، الكيميائية، المفروشات والأخشاب، الحجر والمرمر ومواد البناء ومستلزمات الديكور والإكساء، تقنيات البث والاتصالات وجميعها صنعت في تركيا
وننتظر كبقية المصدرين الأتراك وآلاف العملاء السعوديين أن تفضي المحادثات المتبادلة بين الرياض وأنقرة إلى انتعاش التجارة الثنائية وتقليل القيود المفروضة على الصادرات التركية إلى المملكة حيث بلغت الصادرات التركية والتي عادت تحمل عبارة (صنع في تركيا) ما يقرب من 70 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بعد أن كانت 55 مليون دولار عن نفس الفترة من العام الماضي بزيادة 25%، وهذا مبشر للغاية.
إذ بلغت هذه المؤشرات ذروتها خلال شهر آذار، وقفزت من 18.5 مليون دولار إلى 58 مليون دولار، بزيادة قدرها 215 في المائة على أساس سنوي، ويفهم من ذلك أن هذا الصعود الصارخ للتجارة الثنائية لن يتوقف.
وهذا الانفتاح يأتي عقب مقاطعة صامتة فرضتها المملكة العربية على البضائع التركية منذ 2018 نتيجة لذلك، شهدت الصادرات التركية إلى السعودية انخفاضًا حادًا بنسبة 92٪ تقريبًا طوال عام 2021، وتراجعت من 3.1 مليار دولار إلى 2.3 مليار دولار ومنه إلى 189 مليون دولار مع الحظر.
في وقت متزامن مع خسارة الليرة التركية 44 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي عام 2021
المزيد من العقارات السعودية بأيادي تركية
الصفحة الجديدة ستكون مبشرة بالدرجة الأولى للمقاولين الأتراك في السعودية، بعد تعثر العقود والأعمال هناك لدرجة أن المقاولين الأتراك واجهوا خلال الأشهر الأخيرة مشكلات حقيقية في تحصيل مستحقات أعمالهم التي تم التعاقد عليها سابقاً في السعودية، وما هو قيد الإنشاء حالياً، وهذا الدفع نحو الأمام في العلاقات الثنائية يحرك عجلة المقاولة لا شك وينهي حالة من الجمود لشركات البناء التركية في السعودية؟
ووفقا لأرقام جمعية المقاولين الأتراك، قامت الشركات التركية بتنفيذ ما مجموعه 3 مليارات و43 مليون دولار من المشاريع في المملكة عام 2018، وانخفض هذا الرقم فجأة إلى 559 مليون دولار في عام 2019، ليصل في عام 2020 إلى 21 مليون دولار.
كما تؤكد بينات الخارجية التركية أن هناك أكثر من 200 شركة تركية تعمل في المملكة العربية السعودية، كما تعد المملكة العربية السعودية الدولة الخليجية الثانية بعد قطر والدولة السابعة في العالم على صعيد حجم الأعمال التي ينفذها المقاولون الأتراك فيها. وقد تولت شركات المقاولات التركية تنفيذ ما يزيد عن 100 مشروع في المملكة العربية السعودية لغاية اليوم. ومن جهة أخرى، تقدر الاستثمارات السعودية في تركيا بحدود 2 مليار دولار.
وفي عام 2017 تملّك المواطنون السعوديون 3545 عقاراً في تركيا، واختبرنا في شركتنا مرساة العقارية عن قرب رغبة آلاف السعوديين حقاً بامتلاك عقار ما في تركيا وبقيت الجنسية السعودية على الدوام ثاني أكثر الجنسيات تملكاً للعقارات في تركيا على مدار السنوات الخمس الماضية، وتشرفنا بالعديد من العملاء السعوديين الذين حظوا بتجربة شراء عقار فريدة عبر شركتنا ونتطلع لتكرار هذه التجربة معهم مجدداً، لأن المؤشرات تقول إن الجميع يسعى لأن يرمي كل شي وراءه ويبدأ صفحة جديدة.
الخاتمة
في نهاية المطاف، تمتلك دول الخليج الثرية إمكانات استثمارية كبيرة يمكن أن تساعد في حل العديد من مشاكل أنقرة الاقتصادية. إلى جانب التجارة القوية سابقًا في القطاعات المتخصصة لكلا البلدين، سيستفيد الأتراك من جهود استئناف التجارة مع المملكة العربية السعودية بعد قطيعة قاربت الأربع سنوات.
بقلم : أ.عبد القادر طحان
رئيس مجلس إدارة مجموعة مرساة الاستثمارية
عضو اتحاد المصدرين الأتراك TIM
بقلم : أ.عبد القادر طحان
رئيس مجلس إدارة مجموعة مرساة الاستثمارية
عضو اتحاد المصدرين الأتراك TIM