الحصاد العقاري لعام 2021 .. عام الأرقام القياسية والتعافي من الأزمات
تاريخ آخر تحديث: 2023-07-27
+
حجم الخط
-
26
9555
الحصاد العقاري لعام 2021
كخبير ومستثمر عقارات محترف في السوق التركي منذ العام 2013 أعترف إليكم أعزائي القراء بأنه لفترة امتدت من صيف 2020 وحتى شتاء 2021 انتابني شعور بالإحباط التام، وجدت معه صعوبة في تحفيز فريق شركة مرساة العقارية ، لقد كان الشعور بالإحباط معدياً لعشرات الاستشاريين و الخبراء في فريقنا، بالفعل كانت فترة عصيبة.
فكرت ملياً الالتفاف على أزمة الجمود الذي ضرب سوق العقارات خاصة خلال الشهور الأولى من العام الماضي مستفيداً من خبرة السنوات الممتدة في الاستثمار وإدارته في القطاعين العقاري والصناعي، ولكن بالقليل من الصبر والتحليل للسوق أخذنا في مرساة العقارية قراراً بقبول التحدي لأن كل شيء كان يوحي بأن السوق يخبئ ردة فعل معاكسة خلال النصف الثاني ترجمت على شكل نهوض مدهش وتعافي سريع ومضاعف لسوق العقارات التركية .
يسرني أن أشارككم قراءاتي الخاصة لحصاد العام 2021 العقاري ورؤيتي للعام الحالي 2022، عندما نتحدث عن سوق العقارات التركية فنحن نتحدث عن قاطرة النمو الإقتصادي بلا منازع، والقطاع الأسرع تعافياً وسط تقلبات العام 2021، لقد استمرار شراء عقارات في تركيا سفينة النجاة التي أنقذت الاقتصاد التركي وسط تقلبات الليرة التركية وتداعيات خفض سعر الفائدة البنكية المرافق لتأثير الوباء.
خلال 2021 حققت عائدات بيع العقارات للأجانب 7 مليارات دولار، واحتل قطاع بيع العقارات للأجانب المرتبة الثالثة في قائمة الصادرات الخدمية بعد النقل وخدمات السفر وفقاً لبيانات هيئة الإحصاء التركية، وبينما راهن أصحاب القطاعات على أن تركيا ستحقق رقماً قياسياً مع نهاية العام 2021 يبدو أنهم كسبوا الرهان، إذ حقق عدد الوحدات العقارية المباعة رقماً قياسياً آخر بتخطي حاجز الـ 50 ألف وحدة وكسر الرقم القياسي السابق البالغ 45.5 ألف.
وبينما ضرب الجمود سوق العقارات العالمي محققاً سقوطاً حراً وصل لـ 70% بالنسبة لمبيعات العقار للأجانب، لم تتخط هذه النسبة الـ 10% في سوق العقار التركي، وذلك خلال العام 2020 (ذروة تفشي كوفيد-19).
العقارات في تركيا خلال الربع الأول/2021
تأثير البجعة السوداء
في العام التالي لـ 2020 كان العالم لا يزال تحت وطأة تأثير "البجعة السوداء"*، حيث أثّر انتشار كوفيد19 على جميع أوجه النشاط الاقتصادي في العالم ولم يكن قطاع العقارت والإنشاءات استثناءً.
وعلى مدار العام 2020 وحتى الربع الأول من العام 2021 اعتُبر شراء عقارـ واحد من أكثر القرارات المالية تعقيداً على الإطلاق، وشهد هذا القطاع تراجعاً هو الأسوأ على مدار الـ100 عام الماضية.
مع قرب نهاية عام 2020 تسارعت دراسات اللقاح المضاد لكورونا، ومع بدء تطبيقه على نطاق محدود والتوجه نحو تطبيع الحياة الاجتماعية، زادت التوقعات بمعاودة نمو العقارات اعتباراً من الربع الأول 2021 حيث كان موضوع التطعيم ضد كورونا أشبه بتطعيم اقتصادي لرفع مناعة السوق العقاري التركي إزاء التقلبات.
افتتح العام بـ 70 ألفاً و 587 وحدة، وفق أرقام السجل العقاري التركي، وبالمقارنة مع الفترة ذاتها (الربع الأول من العام 2020) لوحظ بعض التباطؤ في عمليات بيع العقار، حيث تشير الإحصاءات الصادرة عن المديرية العامة للمسح العقاري في تركيا، إلى أن عدد مبيع العقارات خلال الربع الأول من العام 2020 بلغ 341 ألف وحدة فيما تراجع إلى 263 ألف وحدة خلال الفترة نفسها من العام 2021 بالتوازي مع ارتفاع أسعار الفائدة حينها.
يمكن إرجاع الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع على النحو الآتي: انكماش موسمي في سوق العقارات خلال فصل الشتاء، تداعيات الإغلاق العام بسبب الوباء، التقلب في المزاج المالي للسوق وتأثيره المباشر على الطلب، ارتفاع تكاليف البناء نتيجة ارتفاع سعر الفائدة.
الربع الثاني من العام 2021
النهوض ببطء نحو الذورة
توقع برهان كالي (وكيل عقاري في إسكي شهير منذ 25 عاماً)، أن السوق سيتضاعف نشاطه مع الاستثمارات التي سيقوم بها المستثمرون الأجانب والمغتربون بسبب الوباء، فمن لم يتمكن من القدوم عام 2020، بسبب الوباء فإنه سيأتي للشراء مع بداية 2021، ولكن فيما يبدو فإن نسبة من المستثمرين الأجانب والمغتربين لم يحزموا حقائبهم بعد باتجاه تركيا حتى خلال الربع الثاني من العام 2021.
تقول بيانات هيئة الإحصاء التركية أن مبيعات الشقق السكنية خلال الربع الثاني من العام 2021 بلغ 289 ألفاً و760 شقة سكنية، محققة زيادة بنسبة 10%، مقارنة بمبيعات الربع الأول من هذا العام، وبنسبة 2% مقارنة بمبيعات الربع الثاني من العام المنصرم 2020.
لقد بدا السوق العقاري وكأنه لا يزال تحت تأثير الوباء العالمي، ولم يتعافَ بعد، الأمر الذي أثر على توزيع الدخل والأرباح وبالتالي تغير العديد من المستثمرين ميولهم وفقاً لذلك.
من جهة أخرى تأثرت صناعة البناء بحد ذاتها، وباتت تكاليف إنشاء الوحدات العقارية تخضع لمعايير السوق الجديدة، وهذا يعني ارتفاع أسعار مبيع المنازل والتكاليف التشغيلية لقطاع المقاولات والعقارات عموماً، هذا أصاب سرعة مبيع المنازل ببعض البطئ وفق تقارير رسمية.
يمكن إجمال العوامل التي أدت إلى انخفاض المبيعات كما يلي:
لا تزال بداية العام تحت التأثير الموسمي آثار الشتاء وما يتبعه من ركود مستمر تحت تأثير الوباء وتقلب الطلب وكذلك العرض النسبي، إضافة لارتفاع التكاليف الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة.
الربع الثالث من العام 2021
الصعود إلى القمة
يمكن القول إن الربع الثالث كان بداية الازدهار والتعافي من آثار الجائحة، بدءاً من نهاية النصف الأول، وتحديداً من حزيران 2021 بدأت مؤشرات بيع العقارات التركية بارتفاع متنامي لتصل لنحو 185% خلال حزيران 2021 مقارنة بحزيران 2020 ووصلت العقارات المباعة خلال حزيران 2021 4آلاف و748 منزلاً.
ومع بداية تموز شهدت البلاد رفعاً شاملاً للحظر وتطبيعاً لمظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية كافة، وحالة من التعافي وعودة الثقة بسوق العقارات التركية، مع برامج الدعم الحكومي وحملات التطعيم وما أعقبه من وضع حجر الأساس لأول جسر على قناة إسطنبول المائية الأمر الذي وجه أنظار المهتمين إلى مزيد من المناطق الاستثمارية الجديدة. وبلغت مبيعارت العقار في تموز 230320 عملية بيع، وواصل مؤشر المبيعات صعوداً قياسياً بتحقيق 307.618 مبيعة خلال آب ، ليواصل مؤشر المبيعات صعوداً يحبس الأنفاس ب 316.818 مبيعة خلال أيلول، محققاً زيادة قدرها 2.86%، وهنا نتحدث عن حجم إيرادات بمقدار 2 مليار و 209 مليون و892 ألف و290 ليرة تركية خلال أيلول فقط.
أما ايرادت الطابو العقاري خلال التسعة أشهر الأولى من 2021 فقد وصلت إلى 14 مليار و483مليون و486 ألف و 736 ليرة تركية، وهذا يعني رقماً قياسياً ذهبياً جديداً.
وبالنظر على هذا الصعود في الربع الثالث فقد ترافق مع نمو إقتصادي عام بـ7.4% ويادة في نسبة السياح بنحو 143%مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020 بإنقاق جاوز الـ11 مليار كل هذا صعّد نمو العقارات لـ 4.7% خلال الربع الثالث فقط.
الربع الرابع من العام 2021
من الصعود إلى التحليق
يواصل الإقبال على شراء العقارات في تركيا التحليق مع زيادة عروض الشركات وتراجع سعر صرف الليرة وتخفيض قيمة العقار الذي تمنح تركيا على إثر شرائه الجنسية، وأكدت بيانات المعهد التركي للإحصاء هذه الخطوة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، تم بيع 178,814 منزلا، وهو أعلى رقم مبيعات شهرية العام 2021، في حين تم بيع 1,265,000 منزل في 11 شهراً منذ بداية 2021، مسجلا رقما قياسيا كما بلغت المبيعات للاجانب ذروتها فى نوفمبر حيث تجاوزت 50 الفاً على اساس شهري، ووصل نمو أسعار المنازل يصل إلى 40 في المئة.
وخلال الشهور الـ 11 الأولى من هذا العام ، تم تسجيل رقم قياسى لمبيعات المنازل ب1265 ألف وحدة .
كما ارتفع عدد المبيعات العقارية خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، إلى مليونين و410 آلاف و816 عقارا، بحسب مديرية العامة للطابو والمسح العقاري التابعة لوزارة البيئة والتطوير العمراني التركية.
ترافق هذا مع ارتفاع أسعار الإيجارات في تركيا، أكثر من 100% خلال عام، للإيجار الجديد وارتفاع بنسبة 20 -60% للإيجارات القديمة، بالتوازي مع ارتفاع بنسبة 60% .
وهذا مرده لانخفاض سعر الليرة التركية وتراجع سعر الصرف نتيجة السياسة العام بخفض سعر الفائدة، في مقابل زيادة عروض شركات العقارات التركية، ما جعل السباق المحموم على شراء عقارات في تركيا لا يهدأ.
عين على العام 2022
ترى التوقعات الرسمية للمديرية العامة للسجل العقاري في تركيا إن العام 2022 سيفتح آفاقاً جديدة بدءاً من ارتفاع أسعار المساكن وزيادة الطلب في مقابل محدودية العروض.
كما سترتفع معدلات الطلب إلى مستويات قياسية جديدة كرد فعل على فترة الركود خلال عام 2020 وحتى النصف الأول من 2021.
كما ترى التوقعات الرسمية ذاتها أن المستثمرين سيبد أون الاستفادة من مخزونهم في الاستثمار وسيبدأون مشروعاً تلو الآخر وفقاً للأسعار الجديدة للمنازل و الوحدات العقارية.
أما المظهر الجديد للعقارات بعد كورونا تقول مديرية السجل العقاري إن المنازل ذات التهوية الجدية والشرفات الواسعة والحدائق الكبيرة بدأت بالفعل الظهرو في العام 2020 واستمرت خلال 2021 وبعد تعليق معظم المشاريع، اعتبارًا من الربع الأخير من عام 2021 وستواصل ذلك في العام 2022.
لقد ترك العام 2021 تأثيراً أشبه بتأثير الدومينو، فكل فصل كان يسلم للذي بعده صعوداً ومن المؤكد أن هذا سينسحب على العام 2022.
بقلم : أ.عبد القادر طحان
رئيس مجلس إدارة مجموعة مرساة الاستثمارية
جميع الحقوق محفوظة لـ مرساة العقارية © 2022
رئيس مجلس إدارة مجموعة مرساة الاستثمارية
جميع الحقوق محفوظة لـ مرساة العقارية © 2022